ومسرح لسوام العين ليس له
للشاعر: محمود سامي البارودي
وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ
فِي عَالَمِ الظَّنِّ تَقْدِيرٌ وَلا شَبَهُ
بَاكَرْتُهُ سُحْرَةً وَالشَّمْسُ نَاعِسَةٌ
فِي خِدْرِهَا وَحَمَامُ الأَيْكِ مُنْتَبِهُ
وَلِلْغَمَائِمِ بَيْنَ الأُفْقِ مُنْسَحَبٌ
وَلِلنَّسَائِمِ نَحْوَ الرَّوْضِ مُتَّجَهُ
وَالْجَوُّ فِي حُلَّةٍ دَكْنَاءَ مَازَجَهَا
خَيْطٌ مِنَ الْفَجْرِ يَبْدُو ثُمَّ يَشْتَبِهُ
فَالنُّورُ مُنْقَبِضٌ وَالظِّلُّ مُنْبَسِطٌ
وَالطَّيْرُ مُنْشَرِحٌ وَالْجَوُّ مُدَّلِهُ
مَنَاظِرٌ لَوْ رَأَى بَهْزَادُ صُورَتَهَا
لاعْتَادَهُ مِنْ تَمَادِي الْحَيْرَةِ الْبَلَهُ
كَأَنَّمَا الدَّوْحُ قَصْرٌ وَالْحَمَامُ بِهِ
سِرْبٌ مِنَ الْغِيدِ بِالأَلْحَانِ تَبْتَدِهُ
طَوْرَاً تُغَنِّي وَأَحْيَانَاً تَنُوُحُ فَمَا
ذَاكَ الْغِنَا وَهَذَا النَّوْحُ وَالْوَلَهُ
كَأَنَّمَا الأَوْرَقُ الْغِرِّيدُ حِينَ شَدَا
فِي سُرْبَةِ الإِنْسِ مِنْهَا شَارِبٌ فَكِهُ
شَارَفْتُ سَاحَتَهَا فِي فِتْيَةٍ أَلِفُوا
صِدْقَ الْوِدَادِ فَلَمْ تَعْرِضْ لَهُمْ شُبَهُ
مُوَقَّرُونَ كِرَامٌ لا يَخِفُّ بِهِمْ
طَيْشٌ وَلَمْ يَجْرِ فِي أَخْلاقِهِمْ سَفَهُ
مِنْ كُلِّ مَاضِي الشَّبَا وَالرَّوْعُ مُحْتَدِمٌ
وَمُسْتَنِيرِ الْحِجَا وَالأَمْرُ مُشْتَبِهُ
إِنْ حَدَّثُوا مَلأُوا الأَسْمَاعَ مِنْ أَدَبٍ
هُمْ أَهْلُهُ وَإِذَا مَا أَنْصَتُوا فَقِهُوا
شَرَابُنَا صَفْوُ مَاءٍ لا يُمَازِجُهُ
إِلَّا حَدِيثٌ كَنُوَّارِ الرُّبَى نَزِهُ
فَإِنْ يَكُنْ فِي عَفَافِ النَّفْسِ مَحْمَدَةٌ
لَهَا فَفِي مثْلِ هَذَا يَحْسُنُ الشَّرَهُ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
