وذي نخوة نازعته الكأس موهنا
للشاعر: محمود سامي البارودي
وَذِي نَخْوَةٍ نَازَعْتُهُ الْكَأْسَ مَوْهِناً
عَلَى غِرَّةِ الأَحْرَاسِ وَاللَّيْلُ دَامِسُ
فَمَا زِلْتُ أَسْقِيهِ وَأَشْرَبُ مِثْلَهُ
إِلَى أَنْ هَفَا سُكْرَاً وَإِنِّي لَجَالِسُ
فَبِتُّ أَقِيهِ السُّوءَ إِذْ كَانَ صَاحِبي
وَأَحْرُسُهُ إِنِّي لَدَى الْخَوْفِ حَارِسُ
لَدَى مَوْطِنٍ لا يَصْحَبُ الْمَرْءَ قَلْبُهُ
حِذَاراً وَلا تَسْرِي إِلَيْهِ الْهَوَاجِسُ
عَدُوٌّ وَلَيْلٌ مُظْلِمٌ وَصَوَاهِلٌ
تَجَاذَبُ فِي أَرْسَانِهَا وَتَمَارَسُ
فَلَمَّا اسْتَهَلَّ النُّورُ وَانْحَسَرَ الدُّجَى
قَلِيلاً وَحَنَّتْ لِلصَّبَاحِ النَّوَاقِسُ
دَنَوْتُ أُفَدِّيهِ وَأَغْمِزُ كَفَّهُ
بِرِفْقٍ وَأَدْعُو بِاسْمِهِ وَهْوَ نَاعِسُ
فَجَاوَبَنِي وَالسُّكْرُ فِي لَحَظَاتِهِ
يُسَائِلُ مَاذَا تَبْتَغِي وَهْوَ عَابِسُ
فَقُلْتُ أَفِقْ هَذَا هُوَ الصُّبْحُ مُقْبِلٌ
عَلَيْنَا وَهَذِي فِي الذَّهَابِ الْحَنَادِسُ
وَنَاوَلْتُهُ كَأْسَاً فَمَدَّ بَنَانَهُ
إِلَيْهَا عَلَى كُرْهٍ بِهِ وَهْوَ آيِسُ
فَمَا ذَاقَهَا حَتَّى تَهَلَّلَ ضَاحِكَاً
وَأَقْبَلَ مَسْرُورَاً بِمَا هُوَ آنِسُ
وَمِنْ شِيَمِي بَذْلُ الْوِدَادِ لأَهْلِهِ
كَذَلِكَ إِنِّي فِي الْوِدَادِ أُنَافِسُ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
