شعار الديوان التميمي

نادى المشيب إلى الحسنى به ودعا

للشاعر: ابن الأبار البلنسي

نَادَى المَشيبُ إلَى الحُسْنَى بِهِ وَدَعَا
فَثَابَ يَشْعَب بِالإقْلاعِ ما صَدَعا
وَباتَ يَخْلَع مَلْذوذَ الكَرَى ثِقَةً
بِأَنَّهُ لابِسٌ مِنْ سُنْدُسٍ خِلَعا
مُسْتَبْصِراً في اتِّخَاذِ الزُّهْدِ مَفْزَعَةً
لِيَأْمَنَ الرَّوْع يَوْمَ العَرْضِ والفَزَعا
يَسْعَى إِلَى صالِحِ الأَعمالِ مُبْتَدِراً
ولَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلا مَا إِلَيْهِ سَعى
يا خاشِياً خاشِعاً لا تَعْدُها شِيَماً
فالأَمْنُ والعِزُّ في الأُخْرى لِمَنْ خَشَعا
لَئِنْ تَمَلْمَلْتَ في جُنْحِ الدُّجَى أَرَقاً
فَسَوْفَ تَنْعَمُ في الفِرْدَوْسِ مُتَّدِعا
أَرِقْتَ لِلْواحِدِ القَيُّومِ مُتَّصِلاً
بِهِ فَلَيْسَ رِضَاهُ عَنْكَ مُنْقَطِعا
دارُ القَرَارِ لِمَنْ صَحَّتْ سِيَاحَتُهُ
في الأَرْضِ واعْتَمَدَ الجَنَّاتِ مُنْتَجَعا
لا تَبْتَدِعْ غَيْرَ مَا تَبْغِي بِمَصْنَعِهِ
مَرْضاةَ مَنْ صَنَعَ الأَشْياء وابْتَدَعا
ولا تُعَرِّجْ عَلى أعْراضِ فَانِيَةٍ
تُولِّيكَ هَجْراً إِذا أوْلَيْتَهَا وَلَعا
إيَّاكَ والأَخْذَ فيما أنْتَ تارِكُهُ
من تُرَّهاتٍ تَجُرُّ الشَّيْنَ والطَّبَعا
دِنْ بِاطِّراحِكَ دُنْيا طالَما غَدَرَتْ
وزُخْرُفاً مِنْ حُلاها شَدَّ ما خَدَعا
وادْأَبْ علَى البِرِّ والتَّقْوَى فَبابُهُما
إلَى السَّعادَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ قَرَعا
وَلا تُفَارِق صَدىً فيها ومَخْمَصَةً
تَنَلْ بِدارِ الخُلودِ الرِّيَّ والشّبَعا
ساعِدْ مباعِدَها واحْذَرْ مَكَايِدَهَا
إنَّ الفِطامَ علَى آثارِ مَنْ رَضَعا
وَلْتَزْرَعِ الخَيْرَ تَحْصِدْ غِبْطَةً أَبَداً
فإِنَّما يَحْصِدُ الإنْسَانُ مَا زَرَعا
وَإنْ لَمَحْتَ فَصُنْعَ اللَّهِ مُعْتَبراً
وإِنْ أصَخْتَ فَلِلْقُرْآنِ مُسْتَمِعا
نِعْمَ الأَنِيسُ إذَا اللَّيْلُ البَهِيمُ سَجَا
لأِهْلِهِ وإذا رَأْدُ الضُّحَى مَتَعا
لا تَنْقَضِي كُلَّما تُتْلَى عَجَائِبُهُ
ولَيْسَ يُمْحِلُ مَنْ في رَوْضِهِ رَتَعا
حَبْلٌ لِمُعْتَصِمٍ نُورٌ لِمُتَّبِعٍ
هُدىً لِذِي حَيْرَةٍ أَمْنٌ لِمَن فَزِعا
هُوَ الشَّفِيعُ لِتَالِيهِ وَحَاذِقِهِ
وَمِثْلُهُ غَيْرُ مَرْدُودٍ إِذا شَفَعا
يَا حَسْرَتِي خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ
فَغَازَلَ الأَمَل المَكْذوبَ والطَّمَعا
وَعاشَ لِلْكَدِّ والأَوْصابِ مُحْتَقِباً
بِما اسْتَراحَ إِلى مَيْنِ المُنَى هَلَعا
آهٍ لِعُمْرٍ مُعَارٍ لا بَقَاءَ لَه
يُفَرّقُ الدَّهْر مِنْهُ كُلَّ مَا جَمَعا
كالمُزْنِ مَصْدَرُهُ في إِثْرِ مَوْرِدِهِ
بَيْنا تَرَاكَمَ في آفاقِهِ انْقَشَعا
فِي كُلِّ يَوْمٍ يَسيرُ المَرْءُ مَرْحَلَةً
وإنْ أقَامَ فَلَمْ يَظْعَنْ ولا شَسَعا
أُعِير يَا وَيْحَهُ عُمْراً إلى أَمَدٍ
ثُمَّ اسْتُرِدّ بِكره مِنْهُ وارْتُجِعا
وَذُو الحِجَى غَيْر مُغْتَرٍّ بِبارِقَة
لا ماءَ فيها وإنْ لألاؤُها سَطَعا
كأَنَّهُ وَالسُّهَادُ البَرْحُ هِمَّتُهُ
يَخْشَى البَيَاتَ مِنَ الأحْدَاثِ إنْ هَجَعَا
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

ابن الأبار البلنسي

مجلس قراء هذه القصيدة

مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب