شعار الديوان التميمي

مصر تناديكم فمن يحجم

للشاعر: جبران خليل جبران

مِصْر تُنَادِيكُمْ فَمَنْ يُحْجِمُ
تَطَوَّعُوا وَالأَسْبَقُ الأَكْرَمُ
إِنَّ القُرَى مِنْ هَمِّهَا فَاعْلَمُوا
لِنَهْضَةٍ تَرْقُبُهَا مِنكُمُ
بِالأَمْسِ لَمْ يُعْنَ بِإِصْلاحِهَا
مَنْ شُغْلُهُ حَيْثُ لَهُ مَغْنَمُ
وَاليوْمَ تَبْدُو مِنْ دَيَاجٍ بِهَا
عَابِسَةٍ بَارِقَةٌ تَبْسُمُ
فَلْيَأْتِ عَهْدٌ عَادِلٌ نَيِّر
وَليَمْضِ عَهْدٌ ظَالِمٌ مُظْلِمُ
مَا عِزَّة الأُمَّةِ إِنْ كَاثرَتْ
وَفِي السَّوادِ الجَهْلُ مُسْتَحْكِمُ
مَا جَاهُهَا إِنْ رَقِيَتْ قِلَّةٌ
وَلَمْ يُدَانِ القِلَّةَ المُعْظَمُ
طُفْ بِالقُرَى تلْقَ أُلُوفاً بِهَا
مِنْهُمُ رَقِيقُ الحَالِ وَالمُعْدِمُ
وَشَظَفُ العَيْشِ الَّذِي وِرْدُهُ
أَحْلَى لَهُ لَوْ أَنَّهُ عَلْقَمُ
وَأَخْشَنُ الأَثْوَابِ مَا يَكْتَسِي
وَأَرْدَأَ الأَلْوَانِ مَا يَطْعَمُ
وَأَخْبَث الأَمْرَاضِ تَنْتَابُهُ
مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي وَلا يَفْهَمُ
وَمِنْهُمُ السَّالِمُ لَكِنَّهُ
مِنْ مُغْرِيَاتِ السُّوءِ لا يَسْلَمُ
يُفِيدُ مِنْ أَحْقَادِهِ أَنَّهُ
مُتَّخَمٌ يُوثَقُ أَوْ مُجْرِمُ
أَولَئِكَ الأَنْعَاسُ لَوْ أُنْصِفُوا
أَجِدَرُ خَلْقِ اللهِ إِنْ يُرْحَمُوا
وَمَا لَهُمْ ذَنْبٌ سِوَى أَنَّهُمْ
مَا نُشِّبُوا يَوْماً وَمَا حُلمُوا
هُمْ ثَرْوَةٌ مَفْقُودَةٌ لِلحِمَى
فَعَلِّمُوهُمْ عِلمُواّ عَلِّمُوا
تَصَوَّرُوا كَيْفَ يَكُونُونَ لَوْ
رُدوا عَنِ الغَيِّ وَلَوْ أُحْكِمُوا
وَمَا يَكُونُونَ إِذَا هُذِّبُوا
تَهْذِيبَ رِفْقٍ وَإِذَا قوِّمُوا
وَمَا أَسْبَابُ أَدْوَائِهِمْ
وَكُلُّهُمْ لَوْ نُفِيَتْ ضَيْغَمُ
وَأُبْطِلَ السِّحْرُ وَتَضْلِيلُهُ
وَعُطِّلَ الإِيهَامُ وَالمُوهِمُ
وَوَضَحَ الفَرْقُ لَهُمْ بَيْنَ مَا
يَحِلُّ مِنْ أَمْرٍ وَمَا يَحْرُمُ
خَلْقٌ ضِعَافٌ وَبِهِمْ قُوَّةٌ
غَلاَّبَةٌ إِنْ خُدِمَتْ تَخْدُمُ
بِهِمْ ذَكَاءٌ لَوْ جَلا صَيْقَلٌ
أَصْدَاءهُ لَمْ يَحْكِهِ مِخْدَمُ
بِهِمْ أَنَاةٌ مِنْ أَعَاجِيبِهَا
مَواثِلُ الآثَارِ وَالجُثَّمُ
بَنَوْا بِهَا أَهْرَامَ مِصْرَ الَّتِي
قَدْ يَهْرَمُ الدَّهْرُ وَلا تَهْرَمُ
أُولَئِكُمْ ذُخْرٌ لأَوْطَانِكثمْ
فَعَلِّمُوهُمْ عَلِّمُوا عَلِّمُوا
فِتْيَانَ مِصْرَ الأَوْفِيَاءَ الأُولَى
هُمْ فِي مَجَالاتِ الفِدَى مَا هُمُ
قَوْلُ عَلِيٍّ قَبَسٌ لِلهُدَى
مِنْ مَصْدَرِ الحِكْمَةِ مُسْتَلْهَمُ
وَرَأْيُ إِسْمَاعِيلَ فِيمَا جَلا
لَكُمْ هُو المُجْتَمَعُ المُحْكَمُ
وَفِي إِهَابَاتِ نُصَيْرٍ بِكُمْ
مَا يَبْعَثُ العزْمَ وَمَا يُضْرِمُ
هُبُّوا لإِصْلاحِ القُرَى هِبَّةً
تُؤْثَرُ فِي تَارِيخِهَا عَنْكُمُ
تَزِيدُ أَرْكَانَ الحِمَى قُوَّةً
بِقُوَّةِ الرُّكْنِ الَّذِي يُدْعَمُ
مِصْرُ بِحَقٍّ نَدَبَتْ نَشْئَهَا
لَهَا وَذَاكَ الشَّرَفُ الأَعْظَمُ
مَا الجُهْدُ إِنْ يُبْذَلْ وَفِي حُبِّهَا
غَيْرُ عَزِيزٍ إِنْ يُرَاقَ الدَّمُ
أَهْلُ القُرَى أَبْنَاؤُهَا مِثْلُكُمْ
فَعَلمُوهُمْ عَلِّمُوا عَلِّمُوا
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

جبران خليل جبران

مجلس قراء هذه القصيدة

مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب