شعار الديوان التميمي

ما هاج حزنك أم بالعين عوار

للشاعر: الخنساء

ما هاج حزنك أم بالعين عوار
أم ذرفت أم خلت من أهلها الدار
كأن عيني لذكراه إذا خطرت
فيضٌ يسيل على الخَدَّينِ مِدرار
تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهت
ودونه من جديد الترب أستار
تبكي خناس فما تنفكُّ ما عمرت
لها عليه رنينٌ وهي مفتار
تبكي خناس على صَخْرٍ وحُقَّ لها
إذ رابَها الدَّهْرُ إنَّ الدَّهْرَ ضرار
لا بُدَّ مِن ميتةٍ في صرفِها غير
والدَّهْرُ في صرفِه أحْوالٌ وأطوار
قد كان فيكم أبو عمرو يسودكم
نعم المُعَمَّمُ للدَّاعينَ نصار
صلب النحيزة وهاب إذا منعوا
وفي الحُرُوبِ جريء الصَّدْر مهصار
يا صخر ورَّاد ماء قد تناذَرَه
أهل الموارد ما في وِرْدِه عار
مشى السَّبَنْتَى إلى هيجاء مضلعة
لها سلاحان: أنياب وأظفار
فما عجول على بَوٍّ تَطِيفُ به
لها حنينان إصغارٌ وإكْبار
ترتع ما رتعت حتى إذا اذَّكَرت
فإنما هي إقبال وإدبار
لا تسمن الدهر في أرض وإن ربعت
فإنما هي تحنان وتسجار
يومًا بأوجد مني يوم فارقني
صخر وللدهر إحلاء وإمرار
وإن صخرًا لكافينا وسيدنا
وإن صخرًا إذا نشتو لنحار
وإنَّ صَخْرًا لمقدام إذا ركبوا
وإنَّ صخرًا إذا جاعوا لعَقَّار
أغَر أبْلَج تأتَمُّ الهُداةُ بِهِ
كأنَّه عَلَمٌ فِي رأسِهِ نار
جلد جميل المُحيَّا كامل ورع
وللحروب غداة الروع مسعار
حلو حلاوته، فصل مقالته
فاش جمالته للعظم جبَّار
حمَّال ألْوية هبَّاط أوْديةً
شهاد أندية للجيش جرار
فقلت لما رأيت الدهر ليس له
معاتب وحده يسدي ونيار
لقد نعى ابن نهيك لي أخا ثقة
كانت ترجم عنه قبل أخبار
فبِتُّ ساهِرةً للنَّجْمِ أرْقُبُه
حتَّى أتى دون غور النَّجْم أستار
لم تره جارة يمشي بساحتها
لريبةٍ حين يخلي بيته الجار
وما تراه وما في البيت يأكُلُه
لكنَّه بارز بالصحن مهمار
ومطعم القوم شحمًا عند مسغبهم
وفي الجدوب كريم الجد ميسار
قد كان خالصتي من كل ذي نسب
فقد أصيب فما للعيش أوطار
مثل الرديني لم تنفد شبيبته
كأنَّه تحت طيِّ البرد إسوار
جهم المُحيَّا تضيء الليل صورتُه
آباؤه من طوال السمك أحرار
مورث المجد ميمون نقيبته
ضخم الدسيعة في العزاء معوار
فرع لفرع كريم غير مؤتشب
جلد المريرة عند الجمع فخار
في جوف رمس مقيم قد تضمنه
في رمسه مقمطرات وأحجار
طلق اليدين بفعل الخير ذو فجر
ضخم الدسيعة بالخيرات أمار
ليبكه مقتر أفنى حريبته
دهر وحالفه بؤس وإقتار
ورفقة حار هاديهم بمهلكة
كأن ظلمتها في الطخية القار
حامي الحقيقة محمود الخليقة مه
دي الطريقة نَفَّاع وضَرَّار
جواب قاصية، جزاز ناصية
عقاد ألوية للخيل جرار
عبل الذراعين قد تخشى بديهته
له سلاحان: أنياب وأظفار
لا يمنع القوم إن سألوه خلعته
ولا يجاوزه بالليل مرار

عن الشاعر

الخنساء