لقد طال عهدي بالشباب وإنه
للشاعر: محمود سامي البارودي
لَقَدْ طَالَ عَهْدِي بِالشَّبَابِ وَإِنَّهُ
لأَدْعَى لِشَوْقِي أَنْ يَطُولَ بِهِ عَهْدِي
تَبِيتُ عُيُونٌ بِالْكَرَى مُطْمَئِنَّةً
وَعَيْنَايَ فِي بَرْحٍ مِنَ الدَّمْعِ وَالسُّهْدِ
فَلَيْتَ الَّذِي حَازَ الشَّبِيبَةَ رَدَّهَا
وَلَيْتَ الَّذِي أَهْدَى لَنَا الشَّيْبَ لَمْ يُهْدِ
كَأَنِّي وَقَدْ جَاوَزْتُ سِتِّينَ حِجَّةً
مَسَحْتُ بِهَا عَنْ نَاظِرِي سِنَةَ الْفَهْدِ
فَسُحْقاً لِدَارٍ لا يَدُومُ نَعِيمُها
وَتَبَّاً لِخِلٍّ لا يَدُومُ عَلَى الْعَهْدِ
وَكَيْفَ يَلَذُّ الْمَرْءُ بِالْعَيْشِ بَعْدَمَا
رَأَى أَنَّ سُمَّ الْمَوْتِ فِي ذَلِكَ الشَّهْدِ
إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَيَاةِ وَضِدِّهَا
سِوَى مُهْلَةٍ فَاللَّحْدُ أَشْبَهُ بِالْمَهْدِ
وَلِلْمَوْتِ أَسْبَابٌ يَنَالُ بِهَا الْفَتَى
فَمَنْ بَاتَ في نَجْدٍ كَمَنْ بَاتَ فِي وَهْدِ
وَكُلُّ امْرِئٍ فِي النَّاسِ لاقٍ حِمَامَهُ
فَسِيَّان رَبُّ الْعَيْرِ وَالْفَرَسِ النَّهْدِ
وَلَوْلا ارْتِيَاعُ النَّفْسِ مِنْ صَوْلَةِ الرَّدَى
لَمَا عَفَّ عَنْ طِيبِ النَّعِيمِ أَخُو زُهْدِ
فَدَعْ مَا مَضَى واصْبِرْ عَلَى حِكْمَةِ الْقَضَا
فَلَيْسَ يَنَالُ الْمَرْءُ مَا فاتَ بِالْجَهْدِ
وَلا تَلْتَمِسْ مِنْ غَيْرِ مَوْلاكَ هَادِياً
إِذَا اللهُ لَمْ يَهْدِ الْعِبَادَ فَمَنْ يَهْدِي
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
