لا فارس اليوم يحمي السرح بالوادي
للشاعر: محمود سامي البارودي
لا فَارِسَ الْيَوْمَ يَحْمِي السَّرْحَ بِالْوَادِي
طَاحَ الرَّدَى بِشِهَابِ الْحَرْبِ وَالنَّادِي
مَاتَ الَّذِي تَرْهَبُ الأَقْرَانُ صَوْلَتَهُ
وَيَتَّقِي بَأْسَهُ الضِّرْغَامَةُ الْعَادِي
هَانَتْ لِمَيْتَتِهِ الدُّنْيَا وَزَهَّدَنَا
فَرْطُ الأَسَى بَعْدَهُ فِي الْمَاءِ والزَّادِ
هَلْ لِلْمَكارِمِ مَنْ يُحْيِي مَنَاسِكَهَا
أَمْ لِلضَّلالَةِ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنْ هَادِي
جَفَّ النَّدَى وانْقَضَى عُمْرُ الْجَدَا وَسَرَى
حُكْمُ الرَّدَى بَيْنَ أَرْواحٍ وَأَجْسَادِ
فَلْتَمْرَحِ الْخَيْلُ لَهْوَاً فِي مَقَاوِدِهَا
وَلْتَصْدَإِ الْبِيضُ مُلْقَاةً بِأَغْمَادِ
مَضَى وَخَلَّفَنِي فِي سِنِّ سَابِعَةٍ
لا يَرْهَبُ الْخَصْمُ إِبْرَاقِي وإِرْعَادِي
إِذَا تَلَفَّتُّ لَمْ أَلْمَحْ أَخَا ثِقَةٍ
يَأْوِي إِلَيَّ ولا يَسْعَى لإِنْجَادِي
فَالْعَيْنُ لَيْسَ لَهَا مِنْ دَمْعِهَا وَزَرٌ
والْقَلْبُ لَيْسَ لَهُ مِنْ حُزْنِهِ فَادِي
فَإِنْ أَكُنْ عِشْتُ فَرْدَاً بَيْنَ آصِرَتِي
فَهَا أَنَا الْيَوْمَ فَرْدٌ بَيْنَ أَنْدَادِي
بَلَغْتُ مِنْ فَضْلِ رَبِّي مَا غَنِيتُ بِهِ
عَنْ كُلِّ قَارٍ مِنَ الأَمْلاكِ أَوْ بَادِي
فَمَا مَدَدْتُ يَدِي إِلَّا لِمَنْحِ يَدٍ
ولا سَعَتْ قَدَمي إِلَّا لإِسْعَادِ
تَبِعْتُ نَهْجَ أَبِي فَضْلاً وَمَحْمِيَةً
حَتَّى بَرَعْتُ وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْبَادِي
أَبِي وَمَنْ كَأَبِي فِي الْحَيِّ نَعْلَمُهُ
أَوْفَى وَأَكْرَمُ في وَعْدٍ وَإِيعادِ
مُهَذَّبُ النَّفْسِ غَرَّاءٌ شَمائِلُهُ
بَعِيدُ شَأْوِ الْعُلا طَلاعُ أَنْجَادِ
قَدْ كَانَ لِي وَزَراً آوِي إِلَيْهِ إِذَا
غَاضَ الْمَعِينُ وَجَفَّ الزَّرْعُ بِالْوَادِي
لا يَسْتَبِدُّ بِرَأْيٍ قَبْلَ تَبْصِرَةٍ
وَلا يَهُمُّ بِأَمْرٍ قَبْلَ إِعْدَادِ
تَرَاهُ ذَا أُهْبَةٍ فِي كُلِّ نَائِبَةٍ
كَاللَّيْثِ مُرْتَقِباً صَيْداً بِمِرْصَادِ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
