كيف طوتك المنون يا ولدي
للشاعر: محمود سامي البارودي
كَيْفَ طَوَتْكَ الْمَنُونُ يَا وَلَدِي
وَكَيْفَ أَوْدَعْتُكَ الثَّرَى بِيَدِي
وَا كَبِدِي يَا عَلِيُّ بَعْدَكَلَوْ
كَانَتْ تَبُلُّ الْغَلِيلَ وَا كَبِدِي
فَقْدُكَ سَلَّ الْعِظَامَ مِنِّي وَرَدْ
دَ الصَّبْرَ عَنِّي وَفَتَّ في عَضُدِي
كَمْ لَيْلَةٍ فِيكَ لا صَبَاحَ لَهَا
سهِرْتُهَا بَاكِياً بِلا مَدَدِ
دَمْعٌ وَسُهْدٌ وَأَيُّ نَاظِرَةٍ
تَبْقَى عَلَى الْمَدْمَعَيْنِ وَالسَّهَدِ
لَهْفِي عَلَى لمحةِ النَّجَابَةِ لَوْ
دَامَتْ إِلَى أَنْ تَفُوزَ بِالسَّدَدِ
مَا كُنْتُ أَدْرِي إِذْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْ
كَ الْعَيْنَ أَنَّ الْحِمَامَ بِالرَّصَدِ
فَاجَأَنِي الدَّهْرُ فِيكَ مِنْ حَيْثُ لا
أَعْلَمُ خَتْلاً وَالدَّهْرُ كَالأَسَدِ
لَوْلا اتِّقَاءُ الْحَياءِ لاعْتَضْتُ بِالْ
حِلْمِ هُياماً يَحِيقُ بِالْجَلَدِ
لَكِنْ أَبَتْ نَفْسِي الْكَرِيمَةُ أَنْ
أَثْلِمَ حَدَّ الْعَزاءِ بِالْكَمَدِ
فَلْيَبْكِ قَلْبِي عَلَيْكَ فَالْعَيْنُ لا
تَبْلُغُ بِالْدَّمْعِ رُتْبَةَ الْخَلَدِ
إِنْ يَكُ أَخْنَى الرَّدَى عَلَيْكَ فَقَدْ
أَخْنَى أَلِيمُ الضَّنَى عَلَى جَسَدِي
عَلَيْكَ مِنِّي السَّلامُ تَوْدِيعَ لا
قَالٍ وَلَكِنْ تَوْدِيعَ مُضْطَهَدِ
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
