قلدت بالحق وشاح الكمال
للشاعر: جبران خليل جبران
قُلِّدْتِ بِالْحَقِّ وَشَاحَ الكَمَالْ
ذَاكَ هُوَ الرَّمْزُ وَأَنْتِ المِثَالْ
فِي صُورَةٍ لَمَّاحَةٍ شَرَّفَتْ
يَد الْعلَى فِيهَا الحِجَى وَالجَمَالْ
فَارْوقُنَا بُورِكَ فِي عُمْرِهِ
دَبَّرَ مُلْكاً وَالصِّبَا فِي إِقْتِبَالْ
وَأَحْكَمَ الرَّأْيَ فَمَا حِكْمُهُ
إِلاَّ فِعَالٌ أَعْقَبَتُهَا فِعَالْ
سُبْحَانَ مَنْ أَعْطَاهُ تِلْكَ النَّهَى
سُبْحَانَ مَنْ أَعْطَاهُ تِلْكَ الخِصَالْ
لاَ بِدْعَ أَنْ تَبْلُغَ فِي عَهْدِهِ
أُمَّتُهُ مَرْتَبَةً لاَ تُنَالْ
لَمْ يَدَّخِرْ وَسعاً لإِنْهَاضِهَا
وَحَيثُما أَلقَى عِثاراً أَقَالْ
أَلْعَدْلُ فِي تَصْريفِهِ شامَلٌ
وَالفَضْلُ مَبْذَولٌ بِغَيْرِ إِبْتِذَالْ
يُهْنِئْكِ الإنْعَام مِنْ عَاهِلٍ
يُقَدِّرُ بِالإِنْعَامِ قَدْرَ الفِعَالْ
يَا كَوْكَبَ القُطْبَ وَنُورَ الهُدَى
لِقَوْمِهَا وَالعَصْرُ عَصْرُ إِنْتِقَال
أَدْرَكْتِ فِي المَجْدِ وَلَمْ تَقْصُرِي
حَقِيقَةً يَقْصِرُ عَنْهَا الخَيَالْ
أَلْعِلْمُ وَالفَنُّ وَمَا وَلَّدَا
قَوَّمْتِ مِنْهَا كُلَّ غَالٍ وَعَالْ
وَمَا يَفِيدُ النَّاسَ يَسَّرْتِهِ
لِرَفْعِ شَأْنٍ أَوْ لإِصْلاَحِ حَالْ
لَمْ أَرَ أَمْضَى مِنْكِ عَزْماً وَإِنْ
عَزَّ الَّذِي رُمْتِ وَشُقَّ المَجَالْ
كَوَاهِلٌ مَحْمُولُهُنْ الحِلَى
حَمَلْنَ أَعْبَاءَ الهُمُومِ الثِّقَالْ
وَأَنْمُلاَتٌ بِضَّةٌ تَبْتَنِي
لِمِصْرَ ذُخْراً وَالمَبَانِي جِبَالْ
مِنْ لَيْسَ مِنْ حَوِّيائِهِ مُنْفَقاً
فَلَيْسَ كُلُّ الأمْرِ إِنْفَاقَ مَال
تَشْقَيْنَ لِلتَّرْفِيهِ عَمْنْ شَقَوا
مَا كَانَ أَحْرَاكِ بِعَيْشِ الدَّلالْ
شَتَّى مُبرَّاتُكِ تُقْضَى بِهَا
حَوَائِجُ الحَالِ وَيُرْعَى المَالْ
مِمْا بِهِ يُسْتَثْمَرٌ العَقْلُ أَوْ
تُهَيَأُ الأَيْدِي لِكَسْبٍ حَلاَلْ
أَوْ تُصْلَحُ الأُسْرَةُ فِي وُلْدِهَا
لِيَنْشَأ النِّشْءُ قَوِيمَ الخِلاَلْ
صَنَعْتِ لِلشَّعْبِ يلبي وَمَا
يَدْعُو وَيَقْضِي السُّؤَالَ قَبْلَ السُّؤَالْ
فَالشَّعْبُ بِالإِجْمَاعِ يُثْنِي وَإِنْ
لَمْ يَكْفِهِ فِي الشُّكْرِ قَوْلٌ يُقَالُ
يَا ذَاتَ قَدْرٍ كُلُّ مَنْ فِي الحِمَى
يَجُلهُ يَرْعَاكِ رَبَّ الحَلاَلْ
دُومِي عَلَى رَأْسِ الرُّقِيَّ الَّذِي
أَوْتَيْتِيهِ وَهْوَ بَعِيدُ المُنَالْ
خَالِدَةٌ فِي مِصْرَ آثَارُهُ
نِسَاؤُهَا تَحْمِدُهُ وَالرِّجَالْ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
جبران خليل جبران
مجلس قراء هذه القصيدة
مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات
