شعار الديوان التميمي

عرف الهوى في نظرتي فنهاني

للشاعر: محمود سامي البارودي

عَرَفَ الْهَوَى فِي نَظْرَتِي فَنَهَانِي
خِلٌّ رَعَيْتُ وِدَادَهُ فَرَعَانِي
أَخْفَيْتُ عَنْهُ سَرِيرَتِي فَوَشَى بِهَا
دَمْعٌ أَبَاحَ لَهُ حِمَى كِتْمَانِي
فَبِأَيِّ مَعْذِرَةٍ أُكَذِّبُ لَوْعَةً
شَهِدَتْ بِهَا الْعَبَرَاتُ مِنْ أَجْفَانِي
يَا صَاحِ لا أَبْصَرْتَ مَا صَنَعَ الْهَوَى
بِأَخِيكَ يَوْمَ تَفَرُّقِ الأَظْعَانِ
يَوْمٌ فَقَدْتُ الْحِلْمَ فِيهِ وَشَفَّنِي
وَلَهٌ أَصَابَ جَوَانِحِي فَرَمَانِي
فَعَلَيْكَ مِنْ قَلْبِي السَّلامُ فَإِنَّهُ
تَبِعَ الْهَوَى فَمَضَى بِغَيْرِ عِنَانِ
هَيْهَاتَ يَرْجِعُ بَعْدَما عَلِقَتْ بِهِ
لَحَظَاتُ ذَاكَ الشَّادِنِ الْفَتَّانِ
وَعَلَى الرَّحَائِلِ نِسْوَةٌ عَرَبِيَّةٌ
يَخْدَعْنَ لُبَّ الْحَازِمِ الْيَقْظَانِ
أَغْوَيْنَنِي فَتَبِعْتُ شَيْطَانَ الْهَوَى
إِنَّ النِّسَاءَ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ
مَا كُنْتُ أَعْلَمُ قَبْلَ بَادِرَةِ النَّوَى
أَنَّ الأُسُودَ فَرَائِسُ الْغِزْلانِ
رَحَلُوا فَأَيَّةُ عَبْرَةٍ مَسْفُوحَةٍ
وَيَدٍ تَضُمُّ حَشَاً مِنَ الْخَفَقَانِ
وَلَقَدْ حَنَنْتُ لِبَارِقٍ شَخَصَتْ لَهُ
مِنَّا الْعُيُونُ بِأَبْرَقِ الْحَنَّانِ
يَسْتَنُّ فِي عُرْضِ الْغَمَامِ كَأَنَّهُ
لَهَبٌ تَرَدَّدَ فِي سَمَاءِ دُخَانِ
فَانْظُرْ لَعَلَّكَ تَسْتَبِينُ رِكَابَهُ
طَوْعَ الرِّيَاحِ يُصِيبُ أَيَّ مَكَانِ
فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ الشُّعْوبُ وَتَلْتَقِي
هُدْبُ الْخُدُورِ عَلَى غُصُونِ الْبَانِ
فَاخْلَعْ عِذَارَكَ وَاغْتَنِمْ زَمَنَ الصِّبَا
قَبْلَ الْمَشِيبِ فَكُلُّ شَيءٍ فَانِي

عن الشاعر

محمود سامي البارودي