طوقتموني بأطواق من المنن
للشاعر: جبران خليل جبران
طَوَّقْتُمُونِي بِأَطْوَاقٍ مِنَ المِنَنِ
فَكَيْفَ أَقْضِي حُقُوقاً جَاوَزَتْ مَنَنِي
وَمَا سَبِيلِي إلى أدْنَى الوَفَاءِ بِمَا
لِكُلِّ مُبتَدِرٍ وَافَى لِيُكَرمُنِي
أَبَالِغٌ بِي وَفَائِي بَعْضَ وَاجِبِهِ
لَوْ أنَّ فِي هَذَا الوَفَاءِ قَني
أخَافُ مِنْ سُوءِ تأَوِيلٍ لِرَأْيُكُمُ
فِي الفَضْلِ لَوْ قُلْتُ إنِّي لَسْتُ بِالقَمِنِ
قَوْمِي وَفِي هَامَةِ العَلْيَاءِ مَنْزِلُهُمْ
هُمْ صَفْوَةُ الخَلْقِ بِالأخْلاَقِ وَالفِطَنِ
إنْ عَزَّ مَنْ مَنَحْوا نَصْراً فَأحْرَبَهُ
أو هَانَ من مَنَعُوهُ النَّصْرَ فَلْيَهُنِ
مَوَاطِنُ الضَّادِ شَتَّى فِي مَظَاهِرِهَا
وَفي حَقِيقَتِهَا لَيْسَتْ سِوَى وَطَنِ
مُمَثِّلُوهَا بِهَذَا المُنْتَدَى لَهُمُ
مَفَاجِرٌ مِلْءُ عيْنِ الدَّهْر وَالأُذُنِ
مِنْ كُلِّ ذِي نَسَبٍ أوْ كُلِّ ذِي حَسَبِ
مَا فِي مَصَادِرِهِ مِنْ مَصْدَرٍ أسِنِ
وَكُلُّ ذِي مَنْصِبٍ تَعْتَزُّ أمَّتُهُ
بِسَيْفِهِ العَضْبِ أو بِالرَّأُي وَاللَّسُنِ
وَكُلُّ مُقْتَبِلِ الأَيَّامِ مُجْتَهِدٌ
وَكُلُّ طَالِبِ عِلْمٍ نَابِهٍ ذُهُنِ
وَمِنْ مُؤثِلِ جَاهٍ فِي تِجَارَتِهِ
أوْ فِي صِنَاعَتِهِ أغْنَى الحِمَى وَغَنِى
وَزَارِعٍ صَائِنٍ بِالبِرِّ سِمْعَتَهُ
لِلْمَالِ مُبْتَذِلٍ لِلْحَمْدِ مُخْتَزِنِ
وَشَاعِرٍ يَطْرُبُ الدُّنْيَا تَرَنُّمُهُ
فَمَا أَفَانِينُ غِرَّيدٍ عَلَى فَنَنِ
وَنَائِرٍ مُسْرِفٍ فِي الدُّرِّ يُنَفِقُهُ
كَأَنَّهُ يَتَلَقَّاهُ بِلاَ ثَمَنِ
يَا لِلوَزِيرِ رَئِيسِ الحَفْلِ هَلْ وَسَعَتْ
شَأَنِي جَلاَئِلُ مَا تُهْدِي إلى الزَّمنِ
لِيَحْفَظِ اللهُ فَارُوقاً لأُمَّتِهِ
وَلِلْعُرُوبَةِ وَلْيَنْصُرهُ وَلْيصُنِ
هُوَ الَّذِي خَبَرَتْ مَعْرُوقَةُ أُمَمٌ
فَمَا تَنْكُرُ فِي سِرٍّ وَلا عَلَنِ
لَوْلاهُ لَمْ تَكُ مِصْرُ اليَوْمَ بَالِغَةً
مَكَانَهَا وَاتِّحَادُ العُرْبِ لَمْ يَكُنِ
وَلْيَحْفَظِ اللهُ أَبْنَاءَ الكَنَانَةِ فِي
يُمْنٍ وَأَمْنٍ مِنَ الأَحْدَاثِ وَالمِحَنِ
وَلْيَحْيَ مَنْ صَانَ الضَّادَ مِنْ مَلِكٍ
وَمِنْ رَئِيسٍ عَلَيْهِ مُؤْتَمِنِ
فَكُلُّهُمْ جَاءَ فِي مِيقَاتِهِ وَلَهُ
تَارِيخُ فَضْلٍ بِهَذَا المَجْدِ مُقْتَرِنِ
دُومُوا وَأَيَّامُكُمْ بِالأَلفِ زَاهِرَةٌ
وَلا عَدَتْهُ عَوَادِي الخُلْفِ وَالإِحَنِ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
جبران خليل جبران
