طفت والصبح طالبا في الجنان
للشاعر: جبران خليل جبران
طُفْتُ وَالصُّبْحُ طَالِباً فِي الجَنَانِ
سَلْوَةً مِنْ نَوَاصِبِ الأَشْجَانِ
فَنفَى حُسْنُهَا الأَسَى عَنْ ضَمِيرِي
وَجَلاَ نَاظِرِي وَسَرَّ جنَانِي
زَنْبَقٌ نَاصِعُ البَيَاضِ نَقِيٌّ
تَرْتَوِي مِنْ بَيَاضِهِ العَيْنَانِ
وَجُفُونٌ مِنْ نَرْجِسٍ دَاخَلَتْهَا
صُفْرَةُ الدَّاءِ فِي مَحَاجِرِ عَانِي
وَوُرُودٌ كَأَنَّهَا مَلِكَاتٌ
بَرَزَتْ فِي غَلائِلِ الأُرْجُوَانِ
وَأَفَانِين مِنْ شَقِيقِ وَمِنْ فُلِّ
وَمِنْ مُضْعِفٍ وَمِنْ رَيْحَانِ
كُلُّ ضَرْبٍ شَبِيهُ سِرْبٍ جَمِيعٍ
مُفْرَدٍ عَنْ لِدَاتهِ فِي مَكَانِ
طَالَ فِيهَا تَأَمُّلِي وَكَأَنَّي
كُنْتُ مِنْهَا فِي رَوْضِ عِين حِسَانِ
فَتَوَخيْتُ مُشْبِهاً لأَلِيسٍ
بَيْنَهَا فِي صِفَاتِهَا وَالمَعَانِي
فَإِذَا الْبَاهِرُ النَّقِيُّ مِنَ الزِّ
نْبَقِ مِرْآهُ حُسْنِهَا الْفَتَّانِ
رَسْمُهَا فِي سَنَائِهَا وَسَنَاهَا
وَصَدى لاسْمِهَا أَوِ اسْمٌ ثَانِي
فِيهِ مِنْهَا الْبَهَاءُ وَالْقَامَةْ الْهَيْ
فَاءُ وَاللَّوْنُ صُورَةُ الوِجْدَانِ
وَالْعَبِيرُ الَّذِي يُحَدِّثُ عَمَّا
فِي الضَّمِيرِ الأَخْفَى بِأَذْكَى بَيَانِ
وَالشُّعَاعٌُ الَّذِي بِهِ يُرِي البَغْيَ زُهْراً
وَيُرِيهَا آزَاهِراً فِي آنِ
فَهْيَ فِي الرَّوْضِ وَالنُّجُومِ قَوَاصٍ
وَهْيَ فِي الأَوْجِ وَالنُّجُومُ دَوَانِي
تَتَراءى السَّمَاءُ وَالأَرْضُ كُلٌّ
فِي سِوَاهَا وَتَلْتَقِي الْجَنَتَّانِ
إِنَّمَا النَّرْجِسُ ابْتِسَامَةُ فَجْرٍ
أَلْطَفَتْ نَسْجَهَا يَدُ الرَّحْمَنِ
قَامَ فِي حُلَّةِ الْبَيَاضِ فَكَانَتْ
ثَوْبَ رُوحٍ لا ثَوْبَ جِسْمٍ فَانِي
وَاسْتَزَادَ الْحِلَى سِوَاهَا فَجَاءَتْ
حَيْثُ زَادَتْ عَلائِمُ النُّقْصَانِ
هَكَذَا سِرُّ كُلِّ حَيٍّ نَرَاهُ
خَلَلَ الشَّكْلِ بَادِياً لِلْعَيَانِ
فَنَرَى أَنْفُسَ الْحِسَانِ حِسَاناً
حَيْثُمَا هُنَّ عَنْ حُلِيٍّ غَوَانِي
وَنَرَى أَنْفُسَ الأَزَاهِرِ غُرّاً
إِذْ نَرَاهَا عفيفة الأَلْوَانِ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
جبران خليل جبران
