سلامة عرضي في خفارة صارمي
للشاعر: محمود سامي البارودي
سَلامَةُ عِرْضِي فِي خِفَارَةِ صَارِمِي
وَإِنْ كَانَ مَالِي نُهْبَةً لِلْمَكَارِمِ
بَلَغْتُ عُلاً لا يَبْلُغُ النَّجْمُ شَأْوَهَا
إِذَا هُوَ لَمْ يَنْهَضْ لَهَا بِقَوَادِمِ
إِذَا المَرْءُ لَمْ يَطرَبْ إِلَى اللَهْوِ وَالصِبَا
فَمَا هُوَ إِلَّا مِنْ عِدَادِ الْبَهَائِمِ
فَأَيَّةُ أَرْضٍ لَمْ تَجُبْهَا سَوَابِقِي
وَغَمْرَةِ بَأْسٍ لَمْ تَخُضْهَا صَوَارِمِي
وَمَا اللَّيْلُ إِلَّا هَبْوَةٌ مِنْ كَتَائِبِي
وَلا الشُّهْبُ إِلَّا لَمْعَةٌ مِنْ لَهَاذِمِي
جَنَانٌ تَحِيدُ الأُسْدُ عَنْهُ وَعَزْمَةٌ
هِيَ الْمَوْتُ بَيْنَ الْمَأْزِقِ الْمُتَلاحِمِ
وَلَكِنَّنِي أَمْسَيْتُ لِلْحُبِّ خَاضِعاً
وَلِلْحُبِّ سُلْطَانٌ عَلَى كُلِّ حَاكِمِ
وَبِي مِنْ صَمِيمِ الْعُرْبِ حَوْرَاءُ طفْلَةٌ
نَحِيلَةُ مَجْرَى الْبَنْدِ رَيَّا الْمَعَاصِمِ
لَهَا نَظْرَةٌ لَوْ خَامَرَتْ قَلْبَ حَازِمٍ
لأَصْبَحَ مَسْلُوبَ النُّهَى غَيْرَ حَازِمِ
أَطَعْتُ الْهَوَى فِيهَا وَإِنْ كَانَ ظَالِمَاً
وَعَاصَيْتُ فِي حُبِّي لَهَا كُلَّ رَاحِمِ
وَمِنْ عَجَبٍ أَنِّي أَدِينُ لِحُكْمِهَا
وَأَكْبُرُ أَنْ أَنْقَادَ طَوْعَ الْخَزَائِمِ
فَقَلْبِيَ حُرٌّ لا يَدِينُ لِصَوْلَةٍ
وَعُودِيَ صُلْبٌ لا يَلِينُ لِعَاجِمِ
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
