شعار الديوان التميمي

أهدي إلى عالي المقام

للشاعر: جبران خليل جبران

أُهْدِي إلَى عَالِي المَقَامِ
بَتَأَدُِبٍ أَزْكَى السَّلامِ
وَأَقُولُ حَمْداً لِلأمِي
رِ وَقَلًّ حَمْدٌ عَنْ مَرَامِي
هِيَ نِعْمَةٌ جُمِعَتْ بِهَا
شَتَّى مِنَ النِّعَمِ الجِسَامِ
طَوَّقَتْنِي طَوْقَ الْحَمَا
مِ فَلَيْتَ لي سَجْعَ الْحَمَامِ
وَمَنَحَتْنِي شَرفاً أَتِي
هُ بِهِ عَلَى كُلِّ الأَنَامِ
طَالَعْتُ دِيوانَ الأَمِي
رِ بِأَيِّ شَوْقٍ وَاهتِمَامِ
مُتَوَرِّداً سِفْرَيْهِ أُسْ
قى الرَّاحَ فِي جَامٍ فجَامِ
وَإذَا مُدَامُ الرُّوحِ أَنْ
شتْنَا فَمَا رُوحُ المُدَامِ
مَا كِدْتُ أَقْرأُ مُعْجِزَ الْ
قُرْآنِ فِي ذَاكَ النِّظَامِ
حَتَّى تَصَفَّحْتُ السَّمَا
ءَ وَزَهْرُهَا كَلِمٌ أَمَامِي
عَجَباً لِذَاكَ الدُّرِّ فِي
تِلْكَ الْعُقُودِ مِنَ الْكَلامِ
وَلِرَوْعَةٍ فِي مَائِهِ
مُتَوَهِّجاً وَهْجَ الضِّرَامِ
دُرٌّ بَدِيعٌ مِنْ جَنَى
بَحْرٍ بِفَيْضِ العِلْمِ طَامِي
أَلشَّرْقُ أَوْدَعَ سِرَّهُ
فِيهِ فَعَزَّ عَلَى السِّوَامِ
وَالْغَرْبُ زَادَ بَصَوْغِهِ
حُسْناً عَلَى الْحُسْنِ الْقُدَامِ
يَا مَنْ حَبَا بِفَرِيدِهِ
لُغَةً تُرَدُّ لِغَيْرِ سَامِ
لُغَةَ الْفِرِنْسِيسِ الأُولَى
بَلَغُوا بِهَا حَدَّ التَّمَامِ
وَمِنَ الْبَلاغَةِ وَالْفَصَا
حَةِ أَنْزَلُوهَا فِي السَّنَامِ
حَتَّى غَدَتْ بِفُنُونِهَا
فِي عِزَّةٍ فَوْقَ المَرَامِ
أَرْبَتْ مَفَاخِرُهَا بِعَدِّ
كَ فِي مُجِيدِيها الْعِظَامِ
قَاحَمْتَ فِيهَا وَالسَّوَا
بِقُ مِنْ بَنِيهَا فِي الْقِحَامِ
فَغَصَبْتَ جَائِزَةَ المُجَلَّي
وَاللَّوَاحِقُ فِي زِحَامِ
وَضَرَبْتَ قَبْلاً فِي مَرَا
مِيها بِمُخْتَلِفِ السِّهَامِ
فَأَصَبْتَ عَنْ ثِقَةٍ وَلَمْ
تَكُ رَمْيَةً مِنْ غَيْرِ رَامِ
تِلْكَ الْبَراعَةُ لَمْ تُتَحْ
لَكَ بِالتَّوَاكُلِ وَالجَمَامِ
لَكِنْ بِكَدٍّ فِيهِ تُحْ
يي اللَّيْلَ مِنْ قَتْلِ المَنَامِ
كَمْ وَالمَدَامِعُ فِي انْهِمَا
لٍ وَالْجَوَانِحُ فِي احْتِدَامِ
أَخْرَجْتَ رَوْضاً مِنْ نَبَا
تِ الْعَبْقَرِيَّةِ لا الرَّغَامِ
أَزْهَارُهُ تَسْبِي النُّهَى
بَيْنَ انْفِرَادٍ وَانْضِمَامِ
وَ وُرُودُهُ بِعقائقٍ
سَالَ الْفِدَاءُ بِهَا دَوَامِي
يَشْتَمُّ فِي نَسَماتِهِ
رُوَّادُهُ عَبْقَ الْخَزَامِ
وَكَأَنَّ نَرْجِسَهُ بِمَرْ
أى مِنْهُمُ نَادٍ ونامِ
مَا الشِّعْرُ إلاَّ صِدْقُ وَص
فِكَ بَيْنَ رَسْمٍ وَارْتِسَامِ
أَوْ ذلِكَ الخَلْقُ الْخَيَا
لِيُّ الْحَقِيقِيُّ الْقِوَامِ
أَوْ ذلِكَ التَّوْفِيقُ فِي
قَدْرِ المَقَالِ عَلَى المَقَامِ
أَوْ ذلِكَ اللَّفْظُ الرَّقِي
قُ مَعَ الْجَلاَءِ وَالاِنْسِجَامِ
أَوْ كُلُّ بِكْرٍ تُجْتَلَى
قَسَمَاتُهَا فِي غَيْرِ ذَامِ
مِنْ سَانِحَاتِ الْعَبْقَرِيَّ
ةِ فِي حِجَى قَيْلٍ هُمَامِ
تَغْزُو الْعِبَادَ هَوىً وَيَلْ
قَاهَا الْغُزَاةُ هَامِ
شِعْرٌ لَهُ أَشْهَى التَّغَلْ
غُلِ فِي الجَوَانِحِ وَالْعِظَامِ
أَلْفِكْرُ طَلْقٌ لا تُقَيِّ
دُهُ عَرُوضٌ بِالتِزَامِ
وَاللَّفْظُ تَكْسُوهُ مَبَا
هِجُ مِنْ حُلَى قَوْسِ الْغَمَامِ
وَالحِسُّ لُطْفٌ يَسْتَشِفُّ
الْغَيْبَ مِنْ حُجُبِ الظَّلامِ
فِي مُحْكَمَاتٍ مِنْ قَوَا
فٍ بِالنُّهَى ذَاتِ احْتِكَامِ
يَرْمِي بِهِنَّ الْوَحْيُ عَنْ
كَثَبٍ إِلَى أَقْصَى المَرَامِي
هُنَّ الْكَوَافِي مِنْ طَوىً
هُنَّ الشَّوَافِي مِنَّ أُوَامِ
هُنَّ الأَوَاخِذُ لِلرُّقى
حَقَّ الْحَلالِ مِنَ الْحَرَامِ
فِي كُلِّ مَا ضُمِّنَّهُ
مِنْ حِكْمَةٍ أَوْ مِنْ غَرَامِ
أوْ مِنْ وُلُوعٍ لِلأَمِي
رِ بِكُلِّ مطْلُوبٍ جُسَامِ
هَمُّ الأَمِيرِ بِقَدْرِهِ
وَهُيَامِهِ فَوْقَ الْهُيَامِ
هَمٌّ بِأَجْنِحَةٍ تُرَا
وِدُهُ المَجَرَّةُ وَهْوَ ظَامِ
فَلَهُ انْطِلاقُ النَّسْرِ لا
يَلْوِي بِشَيءٍ وَهْوَ سَامِي
نَاهِيكَ بِالْغَايَاتِ مِنْ
نُبْلٍ وَفَضْلٍ وَاعْتِزامِ
يَدْعُو إلَيْهَا اللَّيْثُ إِي
قَاظاً لأَقْوَامٍ نِيَامِ
وَلَزَأْرُ لَيُثٍ يَكُو
نُ أحَبَّ وَقْعاً مِنْ بُغَامِ
للهِ حَيْدَرُ مِنْ فَتَىً
أَخْلاقُهُ فَوقَ المَلامِ
هُوَ زَيْنُ فِتْيَةِ مِصْرَ وَابْ
نُ مُلوكِهَا الصِّيْدُ الكِرَامِ
أَعْلَى الإِمَارَةَ بِالْيَرَا
عِ عَلَى الإِمَارَةِ بِالحُسَامِ
أَعْطَى الْكَرَامَةَ حَقَّهَا ال
أَوْفَى بِلُطفٍ وَاحْتِشَامِ
حُرُّ الشَّمَائِلِ غَيْرُ مَنَّا
نٍ وَلَيْسَ بِذِي انْتِقَامِ
أَلْخَيْرُ كُلُّ مُنَاهُ فِي
حَرْبِ الزَّمَانِ وَفِي السَّلاَمِ
وَبِهِ غِيَاثٌ لِلَّهِي
فِ وَنَجْدَةٌ لِلْمُسْتَضَامِ
يَا شَاعِراً لُغَةُ الْقُلُو
بِ إِلَيْهِ أَلْقَتْ بِالزِّمَامِ
مَنْ لِي بِمَقْدِرَةٍ عَلَى
إِيفَاءِ مَا لَكَ فِي ذِمَامِي
فَأَقُومَ بِالْعَبْءِ الَّذِي
حَمَّلْتَنِي بَعْضَ الْقِيَامِ
شُكْراً لِمَا أَوْلَيْتَنِي
مِنْ ذلِكَ الْفَخْرِ الْعُظَامِ
فِي مِدْحَةٍ بِسِمَاتِ أَشْ
رَفَ مَادِحٍ ذَاتِ اتَّسَامِ
أَبْيَاتُهَا انْتُظِمَتْ أَفَا
نِينَ الحُلَى أيَّ انْتِظَامِ
تَفْتَرُّ كَالأَنْوَارِ بَيْ
نَ مَدَامِعِ الْفَخْرِ السِّجَامِ
فِي كُلِّ بَيْتٍ رَوْعَةٌ
تَزْدَانُ بِالْفَضْلِ التُّؤامِ
أَلَحُسْنِ وَالإِحْسَانُ يَقْ
تَسِمَانِهَا أَبْهَى اقْتِسَامِ
تِلْكَ الْقَصِيدَةُ رُتْبَتِي
يَوْمَ التَّبَاهِي أَوْ وِسَامِي
ضَمِنَتْ لِيَ الِّكْرَى يُرَدِّ
دُهَا الرُّوَاةُ عَلَى الدَّوَامِ
وَجَلَتْ لِعَيْنِيَّ الْخُلُو
دَ إِليَّ يَرْنُو بِابْتِسَامِ
فَلأَجْعَلَنَّ كِتَابَهَا
حَتَّى أُحَقِّقَهُ إِمَامِي

عن الشاعر

جبران خليل جبران