أقريء القوم سلامي واعتذاري
للشاعر: جبران خليل جبران
أَقْرِيءِ الْقَوْمَ سَلاَمِي وَاعْتِذارِي
حَجَبَتْني عِلَّةٌ فِي عُقْرِ دَارِي
عَاوَدَتْنِي جَارَةُ السَّوْءِ الَّتِي
فارَقَتْنِي مُنْذُ أَيَّامٍ قِصَارِ
أَسَرَتْنِي مَرَّةً ثَانِيَة
بَعْدَ ظَنِّي أَنَّها فَكَّت إِسَارِي
إِنْ تَنَلْ عَابِدَ شمْسٍ نَارُهَا
لاَ يَدِنْ بَعْدَ تَوَلِّيَهَا بِنَارِ
مَا بِجِسْمِي مِنْ بَقَايَا هِمَّتِي
غَيْرُ ضَعْفٍ وَالتِوَاءٍ وَانْكِسَارْ
بِيَ وَقْرٌ يُشْبِهُ الشَّيءَ الَّذِي
فِي أَولِي الجَّاهِ يُسَمَّى بِالْوَقَارِ
كَانَ لِي بِالأَْمْسِ جَأْشٌ رَابِطٌ
فَغَدَا يُنْكِرُهُ الْيَوْمَ دُوَارِي
إِنَّما دَهرِيَ عَنْكُمْ عَاقَني
فَأَنَا الْقَاعِدُ لَكِنْ بِاضْطِرارِ
لَوْ بِغَيْرِ السَّعيِ أَوْ مَوْضِعِهِ
كَانَ خَطْبِي لَمْ أَؤَخِّرْ بِاخْتِيَارِي
يَا أَخِي سَركِيسُ قُلْ عَنِّي عَلَى
مَلإِ النَّاسِ لِمُصْغٍ بِاعْتِبَارِ
أَجْدَرُ الخَلْقِ بِحَمْدٍ مَنْ رَعَى
تَاعِسَاتِ الْجَدِّ فِي النَّشْءِ الصِّغَارِ
آلُ لُطْفِ اللهِ مَا زَالُوا عَلَى
عَهْدِهِمْ أَهْلَ المَقَامَاتِ الكِبَارِ
يَتَبَارَوْنَ رِجَالاً بِالنَّدَى
وَنِسَاءً ذَلِكُمْ نِعْمَ التَّبارِي
بَارَكَ اللهُ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ
وَوَقَاهمْ كُلَّ غَبْنٍ وَخَسَارِ
وَجَزَى بِالخَيْرِ مَنْ آزَرَهُمْ
فِي المُرُوءَاتِ مِنَ الْقَوْمِ الْخِيَارِ
شِيدَ هَذَا المَشْغلُ الثَّبْتُ عَلَى
نِعَمٍ مِنْ أَلْطَفِ الأَْيْدِي جَوَارِ
حَبَّذا الْقَوْمُ هُنَا مِنْ فِتْيَةٍ
قَدْ دَعَا البِرُّ فَوَفُّوْا بِابْتِدَارِ
وَعَقِيلاتٍ بِمَا يُحْسِنَّهُ
زِينَةُ الدُّنْيَا وَعُمْرَانُ الدِّيَارِ
هَكَذا الْفَضْلُ وَفِيتُمْ أَجْرَهُ
وَكُفِيتُمْ مَعَهُ كُلَّ عِثَارِ
إِنَّما الزَّوْجَانِ حَيْثُ ابْتَغَيَا
غَايَةَ الْخَيْرِ بِعَزْمٍ مُتبَارِ
كَالنَّدَى فِي وَحْدَةِ اللَّفظِ لَهُ
مَعْنَيَانِ اقْتَسَمَا حُسْنَ الْجِوَارِ
فَهُوَ الْجُودُ بِهِ تُبْنَى الْعُلَى
وَهُوَ الْقَطْرُ بِهِ رِيُّ الأُوَارِ
